بدأت في السودان عمليات إحصاء السكان التي تعتبر الخطوة الأولى في مسيرة سياسية قد تنتهي بتعديل الوجه السياسي في البلاد، وذلك تطبيقًا لاتفاق السلام بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين عام 2005.
وجاب عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين شوارع البلاد في أول أيام الإحصاء الذي قد يؤثر على الانتخابات المستقبلية في السودان والذي من المقرر أن ينتهي في الخامس من مايو المقبل. وكان جنوب السودان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي قد طلبت تأجيل العملية أواسط الشهر الجاري لأسباب أمنية، إلا أن الرئيس السوداني، عمر البشير أصرّ على حصوله.
وأعلنت الخرطوم عطلة رسمية في البلاد للسماح لأكثر من 60 ألف موظف إحصاء بمزاولة عملهم، وقد أظهرت الصور التي بثها التلفزيون الرسمي الموظفين في زي أزرق رسمي وهم يزورون المنازل. ويقول قادة الجنوب: إن الملايين من سكان ذلك الجزء غادروه بسبب الأحداث الأمنية التي استمرّت لعقود، وأنهم فشلوا في العودة ضمن المهلة الزمنية اللازمة لإجراء الإحصاء، إلى جانب أن الاستمارة لا تضم أسئلة تحدد الانتماء القبلي للأشخاص وهويتهم العرقية والدينية.
كما تقول أطراف معارضة لحكومة الخرطوم أن الإحصاء سيصب في مصلحة العرب على حساب الأعراق الإفريقية، وقد رفضت الحكومة تصحيح الاستمارات وإعادة طباعتها بذريعة الرغبة في عدم تجاوز المهلة الزمنية. ويخشى مراقبون أن يعجز الموظفون الحكوميون عن دخول المناطق المضطربة في دارفور، حيث تسبب نزاع مسلح في مقتل أكثر من 200 ألف شخص وتهجير 2.5 مليون آخرين.
وقد رفض قائد أبرز حركات المعارضة في دارفور، عبد الواحد النور، الإحصاء واعتبره "عملية غشّ". ويرجح الخبراء أن يكون عدد سكان السودان 37 مليون نسمة، وذلك اعتمادًا على إحصائيات تقريبية أجريت قبل 15 عامًا أحصت آنذاك وجود 27 مليون نسمة.